Family

طه بك ابوزيد

Taha Baeq

عميد قبيلة الغربياب العباسية
طه بك أبو زيد نائب النوبة (1925-1938) عميد عموم قبيلة الغربياب
بسم الله الرحمن الرحيم
المغفور له محمد طه بك ابوزيد الصابرانى الغربي

شخصية محمد طه بك ابو زيد من اعظم واشهر ابناء النوبة بشكل عام فقد كان خبيرا بدروب الصحراء.

ولد صاحب العزة محمد طه بك ابوزيد الصابرانى الغربي بناحية كروســــــــكومن أبويين كريمين بعد أن تلقى علومه استعد لخوض عمار الحياة وكانت قـــد ظهرت عليه محايل النجابة والذكاء تعين مع صغر سنة وكيل أشغال طرق العتمور ومتعهد طرق السودان وبعد مقتل صالح بك خليفة في واقعــــــــة المرات أثناء حرب الدراويش (الثورة المهدية ) تعيين محـــــمد طه بك وكـــــيلا لعبد العظيم خليفة الذي حل محل أخيه .
وقد أبدى محمد بك طه ابوزيد في القيام بأعباء وظيفته همة ونشاط استلفت الأنظار حتى صــــــار يدعى إلى المحافل والتشريفات الخديوية ومصداقا لما نقول نثبت هنا صورة خطابين وردا له من محافظ الحدود وهى محافظة أسوان الآن .
(الخطاب الاول)
حضرة الشيخ محمد طه وكيل اشغال العطمور
حيث ان حضرتكم من ضمن من يتشرفون بتناول الطعام على المائدة الخديوية فى 17 يناير سنة 1894 فالأمل ان تكونوا موجودين بكرسكو فى اليوم المذكور بأفخر الملابس اللائقة.
الامضاء
وكيل محافظة الحدود بأسوان
(الخطاب الثانى)
حضرة الشيخ محمد طه وكيل اشغال العطمور
حيث ان حضرتكم من ضمن من يتشرفون بتقديم خدماتهم لسمو الحضرة الفخيمة الخديوية فى يوم 17 يناير سنة 1894 فالأمل ان تكونوا موجودين بكرسكو بأفخر الملابس اللائقة.
الامضاء
وكيل محافظة الحدود بأسوان

*أعمال محمد طه بك ابوزيد وحياته العملية .

1- في عام 1884 دخل خدمة الحكومة المصرية وعين صرافا وباش كاتبا لقومندانية ابو حمد ثم بربر ثم عطبرة ثم ام درمان.
2- في عام 1899انتقل من خدمة الحكومة المصرية إلى خدمة الحكومة السودانيــــــــــــة بإختيار وتزكية
(اللورد كتشنرز).
حيث أنشئت أول وزارة مالــية في حكومة السودان بعد استرجاع أم درمان فى25يناير1899من المهديين كان على يد محـــــــــمد طه بك ابوزيد وفى محفوظات خزينه الحكومة السودانية أول دفتر يومية موقعـــــا علـــيه منه ومن فخامة اللورد كتشنرز . ومنذ هذا التاريخ أصبح محمد طه بك مــن كبـــــار موظفي حكومة الســـــودان.
3- عين رئيسا لصيارفة حكومة السودان وخزينتها واخذ يؤدى عمله وما عهد اليه بالصدق والأمانـــــــــة
والنشاط والإخلاص.
4- خدم في حملة النيل عام 1884 وكيلا لأشغال العتمور.
5- خدم فى حملة استرجاع السودان من المهديين عام1897.
6- عين عضوا بإدارة الأوقاف بمدينة الخرطوم بصفته خبيرا للأمور المالية عام 1911.

*الرتب والنياشين التي انعم عليه .

1- كسوة الشرف من الحكومة المصرية عام1891.
2- النجمة المصرية عــــــــــــام 1893.
3- الميدالية المصرية والميدالية الانجليزية لاسترجاع السودان عـــــــام1898.
4- مشبكي عام 1897 و عــام 1898.
5- النيشان المجيدي الرابع عام1907.
6- نيشان النيل الخامـــــس عام1917.
7- نيشان الإمبراطورية البريطانية عالي الشرف من القسم الملكي عام1925.
8- إهداء تذكاري من موظفي مالية السودان لمناسبة اعتزاله الخدمة في أول مايو 1924عبــــارة عن ورق مقوى متين وبديع دونوا فيه اعــــــترافهم وتقديرهم للخدمات الجليلة التي أدها بصدق وأمانة وإخلاص موقعا علــــيه من موظفي حكومة السودان مصريين وانجليز وهذا التذكار في إطار مـــن الفضة .
ولو أردنا نثبت هنا كل ما شهد به كبار مفتشي مالية حكومة السودان لطال بنا المجال ولكن نكتفي بترجمـــــة هذه الشهادة الانجليزية من جانب المستر (لمن) احد كبار مفتشي المالية السودانية يقول فيها.
(لقد اشتغلت في مالية حكومة السودان مدة عام تقريبا فاختبرت في طه بك أبو زيد مساعدا لا يقدر بثمن وبصفته رئيس صيارفة الخزينة العمومية فانه قائم بوظيفته وإدارة الموظفين الذين يعملون تحت يده بصفة تستحق كل الإعجاب . ومهما عظم العمل لا يقف في سبيله مانع يحول دون عزيمته وكل عمل يعمل يتمه بمنتهى الجدارة والسرعة والإخلاص ولا يصيب أي إنسان اعتمد عليه أي قلق أو اضطراب أو فشل ولا يحتاج الأمر للقول بأنه من أفضل الناس خلقا وبشاشة لمن يعمل معه).
وقد سمعت أنه مرشح لعضوية البرلمان المصري فان ذهب عنا فالخسارة لا تعوض خصوصا في الوقت الحاضر حيث العمل في الخزينة العمومية على اشد مشقة . أمضاء ج . د لمن فى تاريخ 12/6/1923

*محمد طه بك أبو زيد والعمل النيابي:ــ
ـ من أعضاء حزب الإتحاد.
دورة عام 1925
دخل مجلس النواب أول مرة عام 1925 وهو ثاني رجل من أبناء النوبة يعتلي قبة البرلمان بعد عبد الصادق أفندي عبد الحميد من أبناء الدكة في أول دورة نيابية عام 1924.
تم ترشيحه وتزكيته في هذه الدورة بالغالبية العظمى لمساندة النادي النوبي وتأييده فلم يجد عبد الصـــــــادق أفندي عبد الحميد بدا إلا الخضوع والإذعان والتنحي والتنازل و الامتثال لإدارة الجماهير أمام إجماعهـــــــــم بانتخاب محمد طه بك أبو زيد.
ـ دورة عام 1926
عاد التنافس مرة أخرى بينه وبين عبد الصادق أفندي عبد الحميد والشيخ عبد الوهاب حسن أبو هيبة فحصل محمد طه بك أبو زيد على 2600صوتا وعبد الصادق أفندي عبد الحميد 1709صوتا والشيخ عبد الوهــــاب حسن 407صوتا وفاز محمد طه بك من أول جولة.
دورة عام 1931
قرر النادي النوبي العام اعتماد ترشيحه بالإجماع عن الدائرة الثالثة بمديريه أسوان وكانت تتبعها ثلاث لجان لجنة بندر أسوان ــ لجنة العلاقى ــ لجنة الدر وكانت مجموع الأصوات فى اللجان الثلاث 514 صوتا نـــــــال منهـــا محمد طه بك 309 صوتا وعبد الوهاب حسن 205 صوتا وفاز محمد طه بك أبو زيد.
وهكذا توالت نيابته حتى عام 1938 م .

أعماله وانجازات محمد طه بك أبو زيد خلال الدورات النيابية:ــ
1ـ سؤال مقدم بشان توزيع أراضى النوبيين بمنطقة الكلح غرب.
2ـ اقتراح مقدم بإرسال بعثة هندسية لكشف الاراضى الصالحة للزراعة فوق المناسيب والوديان وعمل محطات الرفع.
3ـ إعفاء طلبة مدرسة الدر من الرسوم المدرسية .
4ـ إعفاء الطلبة النوبيين بالمرحلة الثانوية بمدارس أسوان وأسيوط من الرسوم .
5ـ توسيع سكك حديد الأقصر أسوان.
6ـ امتداد سير قطارين 88،89 حتى ميناء الشلال.

بقلم الاستاذ
السيد الحسن محمد خير
عنيبة – كلابشة
0127919648
ويمكن زيارة هذه المواقع

http://alashraf.montadamoslim.com/t5317-topic

(the late) Taha Abu Zeid Mohamed Ahmed: from Ad’Dir & Anieiba.. Used to trade between Egypt and Sudan and accused of helping Saltin Pasha to fled but acquitted by Khalifa Abdullah. Appointed by Kitchner as the Head of Sudanese Treasurers (Sai ‘aarfa). Represented his people-the Nubians in Egypt(ASwan -Ad’Dir)- in the Egyptian Parliment for two sessions then at the Senate (Majlis El Shoyookh).. His son Amir was among the first graduates of the Engineering School of Gordon Memorial Colleage..Severel of his grandsons served the Sudan in different capacities among them Ali Amir Taha an Enginner who served in Sudan Railways, Mechanical transport Dept and appoineted as Minsiter during Numerie’s Era . Dr. Taha Amir is a known acadmeic and at the time of writing this entry (1999) holds the post of Chiraman of Psychology Dept. ,the UAE University in AlAin..

———————————————————————————–

طه بك في مجلس النواب 11 أغسطس 1926 طه بك في مجلس النواب 25أغسطس 1926 طه بك في مجلس النواب 3 يوليو 1926 طه بك في مجلس النواب 3 يوليو 1926 طه بك في مجلس النواب 3 يوليو 1926 طه بك في مجلس النواب 22 ديسمبر1926 طه بك في مجلس النواب 23 ديسمبر 1926 طه بك في مجلس النواب 23 يونيو 1927 ؟؟؟

———————————————————————————-

Saad Amir: The Teacher, Almost a Magician [1]

Saad Amir 01

Saad Amir: The Teacher, Almost a Magician [2]

Saad Amir 02

———————————————————————————–

المهندس حسين ابوزيد

نجل حضرة صاحب العزة محمد بك طه ابوزيد
عميد عموم الغربياب
نائب النوبة (1925 – 1938)
المتهم بمحاولة اغتيال رئيس الوزراء
اسماعيل صدقي العميل

يسجل دفتر ذكريات مصر أن اسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء الأشهر. كان صاحب ضربة قوية سددها في صدر الوطن. عندما استصدر مرسوماً ملكياً في نهاية اكتوبر 1930 بإلغاء الدستور وتم ابطال الحياة النيابية! وكان اسماعيل باشا صدقي قد نجح في خلق حالة عداء وكراهية بين الشعب المصري وبينه. أدت فيما بعد إلي احداث وحوادث خطيرة سجلها المؤرخ المصري في فصل صفحات الوطنية..
وتذكر هذه الصفحات من تاريخ مصر محاولة اغتيال اسماعيل صدقي باشا. خلال عودته بالقطار من الاسكندرية إلي القاهرة. والمحاولة سمع بها كثيرون. والمقصود بها شخصية سياسية كان لها دور في الأحداث. أياً كان هذا الدور. أما صاحب المحاولة وهو شاب مصري من أصل نوبي ، وقد كانت نهايته درامية مؤلمة ومثيرة.
صدرت مجلة اللطائف المصورة تحمل علي صدر عددها 812 عدة صور فوتوغرافية مثيرة عن المحاولة الفاشلة لاغتيال اسماعيل صدقي باشا في القطار. وقالت »اللطائف«: إنه لم يكن حديث الناس خاصتهم وعامتهم، في مجالسهم ومجتمعاتهم في الاسبوع المنصرم، إلا ذلك الحادث الغريب الذي وقع في صالون دولة رئيس الوزراء، أثناء قدوم دولته من الاسكندرية إلي مصر يوم الاثنين 25 أغسطس الماضي.
وتفصيل ذلك علي ما شاع وذاع. وروته الصحف اليومية أنه بعد تحرك القطار من محطة سيدي جابر. بنحو 12 دقيقة. رأي الصول محمد أفندي عيسي. أحد المرافقين لدولة رئيس الوزراء. رجلاًً بملابس سفرجي. واقفاً علي بعد نحو متر ونصف متر. من باب غرفة الجلوس في الصالون. فارتاب في أمره واستدعي الكونستابل »فليتشر« وكاشفه بظنونه.
وبينما هما يتفقان علي مراقبته خرج الصول حسين فخري من الغرفة التي كان دولة رئيس الوزراء ـ اسماعيل صدقي باشا ـ جالساً فيها مع معالي علي ماهر باشا وزير الحقانية. وطلب إلي ذلك السفرجي احضار الفطور لدولته.
وكرر الطلب عليه دون أن يتحرك. بل ظل واقفاً مبهوتاً. ينظر بعينيه نحو الغرفة التي جلس رئيس الوزراء ووزير الحقانية فيها. فازدادت ريبة الحراس فيه. واقتادوه إلي غرفة الأمتعة في مؤخرة الصالون. وفتشوه فوجدوا تحت ملابسه بلطة حادة. معلقة بخيط دقيق في عنقه!
فأبلغوا الخبر لدولة رئيس الوزراء. وكبل المقبوض عليه بالحديد. عند وصول القطار إلي محطة طنطا. وتولت النيابة التحقيق معه بعد وصول القطار إلي مصر.
ومضت »اللطائف المصورة« تصف صاحب محاولة اغتيال رئيس الوزراء قائلة: وقد تظاهر المقبوض عليه بالبله أولاً، ثم أجاب عن الأسئلة الموجهة اليه. فاتضح أن اسمه حسين محمد طه. وهو نجل صاحب العزة محمد بك طه أبو زيد. نائب الدر ً. وهو مستخدم بوظيفة مساعد رسام في قسم هندسة السكة الحديد.
وقد ادعي أنه تنكر بملابس سفرجي. ليستطيع السفر إلي مصر بدون تذكرة لنفاد النقود التي كانت معه. وأنه يحمل بلطة للدفاع عن نفسه!
وقد اتضح من التحقيق أنه اشتري البلطة يوم 16 أغسطس الماضي، من محل نيشان يعقوبيان بمصر بمبلغ 26 قرشاً. وقد شحذها جيداً حتي أصبحت حادة جداً.
وقد حققت النيابة مع مستخدمي استراحة السكة الحديد. التي كان يقيم فيها المتهم. وسألت كثيرين من زملائه في العمل. وقبضت علي أحدهم. وهو المهندس عبد الحميد أفندي درويش. الذي كان يعمل علي طريق السويس.
ولايزال الاثنان في السجن والتحقيق مستمر معهما. ولم يعلن شيء من نتائجه. يستدل منه علي وجود اتفاق جنائي. وظهور حقائق جديدة غير التي تقدم ذكرها.
وقد كان لاكتشاف هذا الرجل والقبض عليه. قبل أن ينفذ سوء نيته. ارتياح عام. وقد شمل جلالة الملك دولة الرئيس بعطفه. فأمر معالي كبير الأمناء بتهنئة دولته باسم جلالته.
وتلقي دولته رسائل التهنئة من المندوب السامي بالنيابة. وغيره من العظماء والكبراء !
في نفس العدد احتلت صورة المتهم حسين محمد طه صورتين كبيرتين علي الصفحة الأولي. والصورة الأولي كما كتبت تحتها »اللطائف«: صورة المتهم حسين محمد طه أبو زيد بين حراسه. أثناء نزوله من السيارة التي أقلته من سجن الأجانب إلي دار محكمة الاستئناف الأهلية بمصر للتحقيق معه. وقد كبلت يداه بالحديد. وتراه مرتدياًَ الجلابية البيضاء. التي كان متنكراً بها منذ القبض عليه في صالون حضرة صاحب الدولة اسماعيل صدقي باشا رئيس الوزراء !
ونشرت »اللطائف« صورة لوالد المتهم قالت تحتها: »والد المتهم صاحب العزة محمد بك طه أبو زيد باشصراف مالية حكومة السودان. ونائب الدر. وقد اشتهر بين جميع عارفيه بطيبة أخلاقه. وهو من حزب الاتحاد.
وإلي جوار هاتين الصورتين نشرت صورة للمتهم قالت عنها »اللطائف«: المتهم حسين محمد طه بملابسه العادية. وهو نوبي أسمر اللون قوي البنية مفتول العضل. في الثامنة والعشرين من العمر. وتخرج مهندساً ميكانيكياً من كلية غوردن في السودان. واستخدم بالسكة الحديد السودانية. وتوصل إلي الحصول علي وظيفة مساعد رسام في هندسة السكة الحديد المصرية. براتب شهري قدره تسعة جنيهات !
ولم تكتف »اللطائف« المصورة بهذه الصور. بل أفردت صفحة أخري داخلية. نشرت فيها عدة صور من »مسرح الحادث«، وهو قطار رئيس الوزراء. أو العربة المخصصة لرئيس الوزراء اسماعيل صدقي باشا في القطار. فنشرت صورة »ممر صالون حضرة صاحب الدولة رئيس الوزراء. المؤدي إلي الغرفة التي كان دولته جالساً بها مع معالي علي ماهر باشا وزير الحقانية. ويري فراش الصالون واقفاً في المكان الذي شوهد المتهم حسين طه واقفاً فيه قبل ضبطه. وقد وقف بعده شخص آخر مشيراً بيمينه إلي غرفة الأمتعة التي فتش المتهم فيها.
ونشرت صورة أخري قالت عنها: غرفة الجلوس في صالون دولة رئيس الوزراء ويري محرر المجلة جالساً علي الفوتيل الذي كان دولته جالساً عليه. وصورة ثالثة للصول محمد عيسي »الذي كان أول من ارتاب في السفرجي المزيف حسين محمد طه ولفت الأنظار اليه«!
وعادت اللطائف لتنشر صورة ثانية لوالد المتهم قالت عنها: صورة أخري لحضرة محمد بك طه ابوزيد. تمثله بأوسمته التي نالها جزاء خدماته الجليلة في حكومة السودان.
. وقد أرسل برقية إلي دولة رئيس الوزراء هنأه فيها بنجاته
وبعد أسبوع عادت اللطائف المصورة لتكشف الجانب الخفي في حياة بطل محاولة اغتيال رئيس وزراء مصر وقالت: ان حياة حسين طه الرجل المقبوض عليه. كانت عبارة عن سلسلة غرائب من أشقائه الستة عامة. وصابر وصالح خاصة وكانت سبباً لمتاعب ومصاعب عاناها والدهم صاحب العزة محمد بك طه. صراف الحملة المصرية لفتح السودان. ثم رئيس صيارفة السودان. ونائب الدر في مجلس النواب
وحسين طه هو رابع إخوته. ولد عام 1902 ويذكر والده موعد ميلاده بالضبط. بسبب حادث تاريخي. وهو وجود الخديو السابق عباس باشا حلمي في الخرطوم في زيارة وقتها.
وقد نشأ حسين طه قوي العضلات. متين البنية. وكان يتباهي بقوته. ولم يكن يكف عن تجربة عضلاته في معاملة الذين اختلط بهم خصوصاً الذين زاملوه في مدة التعليم. ولم يكن يمضي يوم من غير أن تقدم في حقه لوالده شكوي من سوء معاملته وقسوته.
ولم يكن من السهل علي ناظر كلية غوردن معاقبته لشدة عناده. وكم كانت مهمة تأديبه شاقة علي والده محمد بك طه. ومع أن حسين طه وسط إخوته في السن. إلا أنه كان صاحب نفوذ عليهم وكلمته مسموعة بينهم. في تدبير معاكسات لوالدهم من أجل أسباب عائلية. ويرجع السبب فيما كان له من كلمة مسموعة بين إخوته. إلي نبوغه الفائق خصوصاً في التصوير ـ الرسم ـ وكان يقضي كل وقته في الكلية في رسم كل ما تقع عليه عينه. وشهد له القانون بالأمر في الكلية بهذا النبوغ. فألحقوه بقسم الهندسة.
وكان ذا نزعة وطنية قويت فيه لوجودها عند شقيقيه الكبيرين صابر وصالح اللذين اتفقا مع بعض الشبان علي السفر إلي طرابلس. للانخراط في سلك الجيش العثماني ضد الايطاليين. وعولوا علي تنفيذ هذا الاتفاق بالخروج متنكرين من الخرطوم في ثياب متسولين. وخرجوا من المدينة تحت جنح الليل. ولما ظهر اختفاؤهم أبلغ أهلوهم الأمر إلي رجال البوليس. فصدر الأمر بالبحث عنهم في كل مكان. وبعد سير ثلاثة أيام من الخرطوم أرادوا ركوب القطار. فلقيهم أحد الموظفين وازداد دهشة من ارتدائهم الملابس الرثة. وزعموا أنهم ذاهبون في رحلة علمية. لكنه ارتاب فيهم. وحجزهم البوليس وتسلمتهم قوة من الخرطوم وعادت بهم إلي أهلهم.
وقد التحق حسين طه بخدمة الحكومة في السودان. لكن لما قامت مظاهرات عام 1924 كان من طليعة المتظاهرين حاملاً الراية. وقد دفعت أسماء زعماء المظاهرات إلي السلطات في السودان. فرأت شطب اسم حسين طه من القائمة والصفح عنه. إكراماً لوالده الذي خدم السودان ربع قرن كاملة.
لكنه خطب بكلمات شديدة اللهجة ضد السلطات البريطانية في احدي الحفلات. ولم تشأ السلطات معاقبته مرة أخري. وتم نقله إلي بورسودان من أجل خاطر والده. لكنه بعد أن أقام في بلدته الأهلية »كروسكو«. جاء إلي مصر.
وتصف »اللطائف« المصورة قصة لقاء حسين طه بوالده في القاهرة فتقول: ذهب علي اثر وصوله إلي القاهرة ثم فندق بريستول الذي يقيم به والده. ولما تقابل الوالد والولد. لم يكن هناك شو أو سلام. بل عتاب وملام. إذ كان محمد بك طه قد أحيط علماً بكل ما حدث . تابع الرأي العام في مصر أخبار التحقيق مع حسين طه. لكن نهاية القصة المؤلمة استغرقت عامين. بعد أن أحيل إلي المحاكمة وصدر الحكم عليه بالسجن سبع سنوات.
وتم نقل حسين طه إلي سجن 5 قرة ميدان لتنفيذ الحكم.
لكن الذي حدث أنه تم وضعه في زنزانة مع السجناء العاديين من اللصوص والمجرمين.
وطالب حسين طه بأن تتم معاملته كسجين سياسي.
لكن أحداً لم يهتم بطلب السجين المتهم بمحاولة اغتيال رئيس وزراء مصر.
وأعلن حسين طه اضرابه عن الطعام حتي تتم معاملته كسجين سياسي.
ولم يتحرك أحد..
وساءت حالة حسين طه بعد أن استمر اضرابه عن الطعام أكثر من شهرين واسبوع !
وفي النهاية صدرت »اللطائف المصورة« يوم الاثنين 25 يناير 1932 وهي تحمل علي صفحتها الأولي صورة لحسين طه. وإلي جوارها خبر قصير: »حسين طه يموت في سجنه.. في منتصف الساعة الخامسة من مساء يوم 14 يناير الجاري. توفي في سجن قرة ميدان بمصر. السجين حسين محمد طه أبو زيد. المحكوم عليه بالسجن سبع سنوات في حادثة اتهامه بالشروع في قتل دولة رئيس الوزراء. لوجوده متنكراً في صالونه. يخفي تحت ملابسه بلطة حادة علي ما علم القراء في حينه«.
وقد كانت وفاته مسببة عن انقطاعه عن الطعام 68 يوماً لامتناع ادارة السجن عن اجابة طلبه. في معاملته معاملة استثنائية تختلف عن معاملة المسجونين العاديين. لأنه مسجون سياسي

دبرت مؤامرات لاغتيال إسماعيل صدقى، الأولى قام بها شاب من مركز الدر اسمه حسين طه. استغل لونه الأسود وارتدى جلبابا أبيض ولف حول وسطه شريطا أحمر، ووضع على رأسه طربوشا. وهكذا تخفى فى زى خدم عربات البولمان، وخبأ تحت ملابسه بلطة وتسلل إلى الصالون الذى كان مقررا أن ينزل به رئيس الوزراء فى عودته من الأسكندرية إلى القاهرة، وقد أرادصدقى باشا أن يتناول شيئا من الطعام والشراب، فطلب من الحاجب أن يأتيه به، فشاهد الحاجب حسين طه واقفا بباب الصالون واعتقد انه من الخدم المكلفين بالعمل فنادى عليه ليحضر الطعام والشراب، ولكنه لم يتحرك بل ظل واقفا كالصنم، ولما كرر عليه النداء ولم يتلق ردا شك فى الأمر واقترب منه وأمسك به فعثر على البلطة، واقتيد الى التحقيق فى هدوء ودون ضجة، ولم يذهبوا به إلىالسجن الحربي ولكنه قدم للمحاكمة أمام محكمة الجنايات المنعقدة برياسة عبد العظيم راشد باشا فى 25-4-1933 وقد حكم عليه بالسجن سبع سنوات، ولم يحتمل حياة السجن فأضرب عن تناول الطعام مدة تزيد على الستين يوما حتى مات. وكان والده عضوا فىمجلس النواب الصدقى عن مركز الدر فرفض أن يتسلم جثة ابنه لدفنها لأنه كان قد تبرأ منه

قضية الاتفاق الاجرامي

محاولة اغتيال رئيس المجلس

لماذا تمت إعادة فتح محضر التحري؟

يدرك قراؤنا من خلال ما قمنا بنشره خلال اليومين الماضيين أن النيابة قد اعادت فتح التحري في موضوع محاولة اغتيال رئيس المجلس ، تلك المحاولة التي جرت في الصيف الفائت .

لقد قلنا بالامس ان السيد مصطفى بيه ، رئيس نيابة محكمة الاستئناف قد استدعى واستجوب كلاً من عثمان هاشم ، ومحمود فرغلي ، ومحمود فهمي النقراشي بيه وزير الاتصالات السابق ، وحمدي سيف النصر بيه، النائب البرلماني السابق ، وعضو حزب الوفد .

هذه هي المعلومات التي تحصلنا عليها ، ولكن الجمهور لم يفت عليه ان يتساءل حول الاسباب التي تمت من أجلها اعادة فتح التحقيق في هذه القضية عشية مثول الاشخاص المدعي عليها امام محكمة الجنايات .

لقد أردنا أن نبحث عن أسباب استئناف التحري ، وقد توصلنا إلى أن رئيس نيابة محكمة الاستئناف قد أبلغ رسالة متبادلة بين حسين محمد طه وابو اليزيد احمد حسني . وفي هذا الخطاب يطلب أحدهما من الآخر أن يتوسط له بشدة لدى وزير الاتصالات في ذلك الوقت محمد فهمي النقراشي بيه ، من أجل الحصول على ترقية وتحسين وضعه . كما طلب منه بعد ذلك التحدث في

هذا الشأن ايضاً مع حمدي سيف النصر بيه . ويبدو ايضاً ان هناك رسالة اخرى متبادلة بين واحد من اولئك الذين كان قد تم احتجازهم مع بداية التحري ومحمد طه ابو زيد ، وهي رسالة كتبت في اللحظة التي استقالت فيها حكومة النحاس باشا ، ووصول صاحب السعادة اسماعيل صدقي باشا الى السلطة ، وتم التحدث فيها عن بعض القضايا السياسية ، ذلك هو السبب الذي قرر بموجبه السيد رئيس النيابة فتح محضر تكميلي .

وكما هو معروف فإن رئيس النيابة قد بدأ الاستماع الى افادات كل من عثمان هاشم ومحمود فرغلي كلاً على حدة . وقد دار استجوابهما حول العلاقات التي كانت تربط بينهما هما الاثنين اولاً ، ثم علاقاتهما ببقية الاشخاص المدعي عليهم. كذلك تم استجوابهما حول علاقاتهما بمحمود فهمي النقراشي بيه وحمدي سيد النصر بيه ، وبالتحديد فيما يتعلق ببعض العبارات التي وردت في الرسالة.

وبعد ذلك تم إستجواب محمود فهمي النقراشي حول محتوي الرسالتين ، وحول علاقته بالمدعي عليهم وبالشاهدين السابقين . وقد أجاب الوزير السابق للاتصالات بأنه يجهل كل شيء حول الرسالة التي اشير فيها اليه . وفضلاً عن ذلك ، قال النقراشي انه كان وزيراً للاتصالات ، مشيراً الى ان الوزراء في مصر معرضون للطلبات والرجاءات من مختلف الانواع ، وانه ليس من غير المستحيل أن تراود شخصين نيه الطلب اليه ان يساعدهما في امر يقع في نطاق إختصاص وزارته ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث . ولم يكن الأمر يتعلق سوى بمشروع خطوة كان ينبغي القيام بها . والى جانب ذلك فقد أعلن عدم معرفته بأي من الشخصين المدعي عليهما ، وأنكر وجود أية علاقة تربطه بأي منهما .

أما حمدي سيف النصر فقد جرى استجوابه مطولاً بواسطة رئيس النيابة حول علاقات له مع السودانيين المقيمين في القاهرة . وقد كان رده هو انه بحكم مكوثه لفترة طويلة بالسودان (حوالي خمسة عشر عاماً) ، فقد تعرف خلال تلك المدة على عدد كبير من السودانيين الذين يأتون اليه ليطلبوا مساعدته لهم في مسائل شتى ، وفي كل مرة يستطيع فيها تقديم العون لهم ، فإنه كان يساعدهم في حدود امكانياته .

ذلك هو ما يقال بخصوص الوثيقة الجديدة التي ادت الى فتح محضر تكميلي في القضية. ونحن ننقل الوقائع كما وردت الينا ، ذلك بأن التحري يجري في اقصى درجات السرية . وقد علمنا من ناحية اخرى ان هذه الرسالة قد تم تسليمها الى النيابة بواسطة احدى السلطات السيادية بالبلاد وليس بواسطة البوليس .

وفي إفادته  اوضح ابو يزيد حسين انه سبق ان خاطب شخصيات مصرية عديدة تنتمي الى احزاب سياسية مختلفة بغرض مساعدته على تحسين وضعه ، وحصوله على مرتب مساوي لما كان يتقاضاه بالسودان قبل طرده . ولهذا السبب فقد قدم الى القاهرة قبل يومين او ثلاثة من حادثة (كلمة غير واضحة ) رئيس المجلس .

____________________________________________________

النور احمد علي

من علمني حرفاً صرت به عارفاً 1/2 

الاثنين يونيو 24, 2013 10:29 am

بخت الرضا فضاء ينتشر منه العلم كزهرة « التَبَرْ» البرية، والتي تملأ الناظر بياضاً فصيحاً كمسند علي اهبة تلقي الرقم. وينتشرالمعلمون منها كزهرة «الريحان » البرية والتي تملؤك عطراً كلما اقتربت من الشواطئ التي تسكنها بخت الرضا، مذيعة العلم كفوح يضوع من كل جهات الله فيها. كل شئ في بخت الرضا قابل للتعليم، او هي تهيؤه ان يكون قابلاً للتعليم. شجرها وزهرها، وهواؤها، وما لا تعلم من كائناتها.

بخت الرضا التي يعرفها الصبي: دفتي كتاب، الدفة اليمنى بالأسود تحتوي (سلويت) الجانب الخلفي كاملاً لـوجه إنسان. أما الدفة اليسرى، فهي بالأبيض المحيط بالنصف الثاني من سلويت جانبي لنفس الوجه بالأسود هذا هو الشعار الذي تخرج به بخت الرضا مطبوعاتها. والصبي يتذكر شعاراً بنفس الفكرة ولكن لصورة جانبية لسلويت وجهين متواجهين، احدهما بالأبيض والمواجه بالأسود ويتذكر الصبي أن هذا الشعار كانت علي غلاف كتاب الرياضيات للسنتين الثالثة والرابعة الابتدائيتين ، وللشعارين دلالتهما البصرية والترميذية والصبي ذلك يتحدث على الصورة البصرية للشعارين الذين يعرف من خلالهما بخت الرضا.

ثم قيضت ملابسات أن ينضم الصبي في العام الدراسي 58 ــ 59 إلى معاهد بخت الرضا لتلقي العلم، كان ذلك المعهد هو (مدرسة النيل الأبيض المتوسطة.)

وكان على الصبي أن يعرف لاحقاً: أن بخت الرضا هي ليست ذلك الشعار الأسود والأبيض، والذي يعرف به الصبي بخت الرضا، وإنما بخت الرضا كائن جغرافي حقيقي، موقعة إلى الشمال الغربي من مدينة الدويم، وأنه كائن ينبت علي ضفاف النيل الابيض كما تنبت أشجار السدر، والأعشاب البرية على ضفاف النيل ذاته، وتنتشر كما تنتشر تلك الكائنات النباتية. وعرف لاحقاً أن بخت الرضا مركز لبعث استناري يتمركز هناك قريباً في ضفاف النيل ايضاً.

محظوظة تلك القرية المجهولة التي اصبحت بفضل اختيارها بقعة تنتشر منها الاستنارة إلى كافة بقاع الوطن الحلم، وهكذا أصبح العلم ينمو وينشر فيها ومنها تماماً كما فِعل كائناتها النباتية.

فنمت القرية المعرفية وتمددت جغرافياً كما تمددت معرفياً، فمن معهد لتدريب معلمي المدارس الابتدائية، ليضم أكبر مدرسة إبتدائية في إفريقيا وهي الألفية ثم معهد معلمي المدارس المتوسطة، وعدد من المدارس المتوسطة ولاحقاً مدرسة النيل الأبيض الثانوية.

محض ضرورة لا يعرفها الصبي، رشحته ليكون ضمن الطلبة المقبولين بمدرسة النيل الأبيض المتوسطة للعام الدراسي 85 ــ م. 95 كان علي الصبي أن يصعد أولى العتبات المؤدية إلى معهده الجديد، تلك العتبة كانت «لجنة القبول» لا يعرف الصبي ماهي هذه اللجنة، وماهي مهامها، وماذا يقول إذا قابلها، خاصة وعلى الصبي أن يقابلها دون ولي أمره، في زمن الصبا ذاك كان الصبي ولي أمر نفسه.

يرأس اللجنة تلك، شخص أحمر بصلعة مميزة مع بسطة في البدن، الأمر الذي كان مثار هزر بينه وبين صديقه عبدالقادر إدريس الجمري، ولكن الأمر لم ينته على خير حين وجدنا أنفسنا في مواجة زميل آخر لنا في تلك الدفعة، هو المقداد أحمد علي خالد، ومن سوء حظنا أنا ورفيق عمر الجمري أن زميلنا الثالث هو ابن المعلم الكبير والعلم في بحت الرضا الاستاذ «احمد علي طه» الأمر الذي عرضنا لحرج واسع، خاصة وأن المقداد أصر على رفع الأمر لإدارة المدرسة. لا أذكر كيف انتهى الأمر.

ولكن أمر اللجنة انتهى بقبول الصبي في مدرسة النيل الأبيض الداخلية خاصة، أن دفوعات الصبي كانت كما يذكر حين اقترح عليه رئىس اللجنة الاستاذ احمد علي خالد، تحويله إلى مدرسة الدويم الريفية، إذ كان لا يستطيع دفع المصاريف المدرسية المقررة في تلك الفترة، وهي خمسة عشر جنيهاً ونصف سنوياً كانت دفوعات الصبي كيف اتدبر عائلة إذا كنت أقف أمامكم دون ولي أمر، فما كان من المربي الفاضل إلا أن قال، يقبل بمدرسة النيل الأبيض ويقدم للمجلس الريفي من أجل مساعدته في دفع المصاريف.

وهكذا وضعتني تلك الضرورة أمام معلمي الاول والأخير. القبول في مدرسة نموذجية بمصاريف «خمسة عشر جنيها ونصف» كانت مغامرة لم يحسب الصبي عواقبها، ولم يكن بمقدوره تقليب هذا الأمر في ذهنه، بل «بسم الله مجريها ومرسيها».. إلى أن وجد الصبي نفسه في مواجهة معلمه عثمان حسين اغا، معلم اللغة الإنجليزية، والمحب لمباهج الحياة، بريئة ومذنبة. كان عثمان حسين اغا مكلف من قبل إدارة المدرسة بملاحقة الطلبة العاجزين عن دفع المصاريف. وأصبح لايمر شهر إلا وجد الصبي نفسه عاطلاً عن العمل في داخلية «السوباط» محروماً من حضور دروسه، ولم يكن يعرف كيف يواجه الأمر هو يجلس في الداخلية. إلى ان يقيض له مخرجاً. وهو لا يعرف الان كيف مرت كل لحظات الحرمان من الدرس كلها، ولكنه يتذكر واحدة كانت نقطة تحول في حياته كلها حتى الآن.

سمع الصبي أن ناظراً جديداً للمدرسة قد حضر. خلفاً للسيد مصطفي امين ، ناظر المدرسة. لم يكن الأمر يعني له شيئاً، وسمع أنه كان ناظراً لمدرسة للبنات في غرب السودان. ربما هي الأبيض، ومعها سمع بعض شائعات تلاحق المتميزين دائماً، ولم يكن كل ذلك يعني له شيئاً فالصبي يعيش مأزقاً لا يرى له مخرجاً.

حتى جاء ذات صباح عم النذير(المشرف علي مقصف المدرسة)  يبلغه أن الناظر يريده في مكتبه.

أصبح مأزق الصبي مأزقان فهو قد سمع أيضاً عن غلظة هذا الناظر، ورأى وخبر غلظة الناظر مصطفى أمي،ن الناظر المنقول من النيل الأبيض. حتى أصبح كل ناظر غولاً بالنسبة للصبي.

إذن لا بد مما ليس منه بد؟

تحامل الصبي على خوفه، وعلى غولية الناظر، وذهب. طرق الباب طرقاً خفيفاً ممنياً نفسه الا تبلغ تلك الطرقات آذان الغول، أو أن يكون غائباً لأي سبب من الأسباب، الأمر الذي يوفر له مسافة ما بين الخازوقين.

سمع الصبي «ادخل»، وكأن صاعقة ضربته. تردد قليلاً  قبل الدخول، وتسمر أمام مكتب الغول، وكأنه شد بأمراس إلى سقف مدخل المكتب، وبأوتاد إلى أرضيته.

لماذا لا تحضر دروسك؟

أوشك الصبي أن يضحك من غباء متوهم يسكن الناظر الجديد. لم يترك الناظر الجديد براحاً للحيرة.

أنا أعرف أنك كنت ضمن المتقدمين للجنة القبول، ومن بين كل التلاميذ الذين تنافسوا للحصول علي مقعد في هذه المدرسة. وأعرف أيضاًإن ترتيبك في امتحانات نصف العام، لا يشبه ترتيبك عند القبول، لقد تأخرت كثيراً حتى بلغت منتصف الصف.

كان الناظر الجديد يعرف كل شيء. ومؤخراً أدرك الصبي ان الناظر الجديد يعرف كل شيء عن كل تلميذ في المدرسة.

حسناً واصل الناظر الجديد، لا أريد أن اعرف تفاصيل ماحصل، ولكن بقي للامتحان النهائي تقريباً شهران وأريد أن اعقد معك صفقة إذا حسنت ترتيبك في امتحان نهاية العام وكنت ضمن العشرة الأوائل سأعفيك من المصاريف المدرسية وستتولى المدرسة اعانتك حتى تنهي أعوام الدراسة بهذه المدرسة.

كان الوقت ضئيلاً والاغراء عالياً، اصبحت ولي أمر نفسي بحق. وعليّ أن أكون قدر هذه الولاية، أجبته بقبول التحدي.

ضحك ضحكة بربتة حانية على الكتف، تبخر الغول الذي كان يسكن رأسي، وبان مكانه منقذ قيضته الصدفة. «إلى فصلك مباشرة.»

تركت الصبي المهموم، المنكسر، الحائر في مكتب الناظر الجديد، واقبلت إلى وضعي: النور احمد علي الذي مشى طريق التحدي حتى اليوم.

أصبح الصبي منذ ذلك اليوم كله ترغب، ومراقبه لمنقذه الجديد، وربما كبقية المساحة المتاحة له كتحقق وجود لاحظ الصبي ان هذا المنقذ، وسيم جداً. كان أحمراً، الحمرة الذي رغبها المهدي. نضديد الاسنان ادعج العينين أنيقاً بصورة تجعله نموذجاً للصبي. الرداء الابيض، والقميص الابيض، والحذاء القماش الابيض بخط أخضر يفصل بين النعل الادني والنعل الأعلى. لم ير الصبي مثلها في الاسواق التي كان يرتادها على ندرتها، فهو لا يعرف من الاحذية إلا «الشدة» الحذاء البلاستيكي، والذي يشكل مكواة للقديم صيفاً ويضاعف البرد عليها شتاء.

كان المنقذ الجديد، زائداً على وسامته واناقته، كان ذا شخصية قاهرة، ليس للتلاميذ فقط وانما الجهاز العامل معه من المدرسين.

كان أول من يقف على باب مكتبه، قبيل ان يدق جرس الطابور الصباحي، عندها يكون كل الجهاز المدرسي واقفاً أمام الفصول بانتظار انتهاء طقوس الطابور الصباحي، لتبدأ الدراسة. لا يمكن أن تري مدرساً أو تلميذاً يأتي بعد الجرس الأول. وهو جنرال ينظر جنوده وضباطه يباشرون مهامهم.

أمتلأ الصبي فخراً بهذا المنقذ، وبشخصيته وعقد العزم على ان لا يخذله – فبدأ جاداً منذ اللحظة التي ترك فيها قرينه المنكسر في مكتب المنقذ، وراح يلتهم دروسه وعلى وجهه التحديد؛ مافاته من دروس في الفترات التي كان يطرد فيها من المدرسة.

كان الوقت غير مواتياً، والتحدي كبيراً وحب الفتي لمنقذه تضاعف.

وحان الوقت الذي يكرم فيه الانسان، وكان قرار الصبي ان يكرم نفسه، ويحتل المكانة المتخيلة في ذهن منقذه، وأدى الصبي فروضه بشكل حاسم. أوفى بوعده لاستاذه، وأوفى الاستاذ لتلميذه بوعده.

وصلت نتيجة الامتحان لـ «تفتيش الماطوري، مكتب أم هجيليجة» باسم أخيه الفضل احمد علي والذي لا يقرأ ولا يكتب، وحملها إليه السيد عمر قسومة المفتش بالمكتب.

وكان الصبي قد عرف عمر قسومة في بداية العطلة الصيفية، كانوا مجموعة من التلاميذ أوصلتهم الحافلة حتى «معتوق». وحيث لم يكن هناك مواصلات بين قرى الجزيرة، يضطر الصبية عادة «للترجل» أو استعمال الأرجل كوسيلة مواصلات، وهم في طريقهم من معتوق إلى ام هجليجة، وقفت عربية صغيرة (مورس ماينور. ودعاهم راكبها، حين عرف انهم في طريقهم إلى القرية، وفعلاً أوصلهم إلى القرية. تلك حكاية أخرى.

المهم الآن اندهش الصبي أن تأتي نفس العربة (المورس ماينور) ونفس صاحبها عمر قسومة من مواطني برى المحس إلى عشة القصب داخل المزرعة التي كانت عائلة الصبي تعمل فيها.

وصل عمر وسلم وجلس على عنقريب متواضع، وكان الوقت عصراً [ غريبة متواضع هذه)، حقيقة، لا يملك ذلك العنقريب إلا أن يكون متواضعاً، فكل الخيارات أمامه هي «متواضعة». ثم اخرج عمر مغلفاً وسلمه لي قائلاً شهادتك وصلت أمس ومعها اعطاني خمسة «خمسة وعشرينات»، لاحظت أن المغلف مفضوضاً. وحين أعدت فضه كانت الكتابة التي غيرت حياة الصبي حتى الآن، وأنا احفظها عل متن وعي.

«يعفى من المصاريف المدرسية، ويمنح منحة شهرية، وملابس حتى نهاية اعوام دراسة بالمدرسة».

كانت مكتوبة بالحبر الأخضر السائل.

 من علمني حرفاً صرت به عارفاً 2/2 

الاثنين يوليو 01, 2013 9:28 am

ماتزال هذه الشهادة ضمن اصابير الفتى في قريته أم هجليجية. إن نجت من ملابسات الاهمال التي تضرب كل قرى السودان بما فيها قرية «أم هجليجة».

أمضى الفتى عطلة من أمتع عطلاته، فرحاً بما أنجز، حيث وفي بوعده لمنقذه. ولنفسه، باعتماد ولايتها واصبح الصبي كله ترقب لعام جديد تماماً في حضرة منقذه.

وبدأ العام الدراسي. وكما برّ التلميذ بوعده لمعلمه، صدق معلمه ماوعده ففي أول يوم دراسي استقبله استاذه بفرح غامر تجاه تلميذه، حيث أمره بالذهاب لمدينة الدويم، ومعه عنوان الترزي الذي تتعامل معه المدرسة، وهناك حصل الصبي على قميصين ورداءيين. وعندما عاد استدعاه معلمه مرة أخرى ليسلمه مائة وخمسة وعشرون قرشاً ستكون هذه اعانته الشهرية يستلمها من استاذه مباشرة.

وعند بدء الأيام الدراسية بدأ وجه المربي الآخر، والذي لم يكن الصبي ان يتبينه إلا لاحقاً.

من حسن حظ التلميذ، ان معلمه هو مدرسهم للغة العربية. وكان الفتى يتوقع من خلال خبرته السابقة ان الكتب التي تقررها وزارة التربية والتعليم ويشرف علىها معهد التربية ببخت الرضا، وهي الكتب التي سلمت للتلميذ منذ اليوم الدراسي الأول.

ولكن يبدو أن معلمنا كان له رأي مغاير لرأي منتجي مناهج التعليم ذلك، وفي مقرراتها على الرغم من أنه أحد المساهمين النشطين في انتاج تلك المناهج، فقد كان مشاركاً في كتاب تاريخ السودان بالاشتراك مع الدكتور مندور المهدي، على الرغم من ان الدكتور مندور المهدي هو طاغية بما يشبه صورة مصغرة لدولة الانقاذ. كان مرهوباً ومرعباً لكل العاملين بالمعهد، ولكن يبدوا أنه كان يعرف من هو معلمنا. ولذلك لم يبد اية اعتراض . علي خروجه علي مناهج الوزارة

فقد بدأنا عامنا ذاك، بمطالعة كتاب «مذكرات دجاجة» للاديب الفلسطيني اسحق موسي الحسيني الصادرة ، عن سلسلة إقرأ، والتي كان يشرف عليها الدكتور طه حسين. والذي كان استاذنا متعلق به، وكانت مقدمة الرواية بقلم الدكتور طه حسين نفسه.

في ذلك الزمن الغض، وفي ذلك العمر الغض، قرأنا، رواية ظريفة، بطلتها دجاجة غير ما نعرف من الدجاج. هي دجاجة حكاءة. ولم نكن قد تعرفنا علي «كتاب كليلة ودمنة» بعد. ويبدو ان معلمنا كان يُقْرِؤنا غدنا القرائي. وهكذا تعلقنا بالدجاجة الحكاءة، ولم نتعلق بكاتبها ، تعلقنا بالدكتور طه حسين.

ثم خطا استاذنا، خطوة اخري قربتنا اكثر من الدكتور طه حسين، حيث وقع اختيار استاذنا علي كتاب «الايام» . وكان تعلقنا بالكاتب وكتابه،نتج عن ان استاذنا اخبرنا؛ من ضمن ما اخبرنا عن طه حسين؛ انه رجل كفيف، وانه كان يلقب بعميد الادب العربي، ولكنه كان يفضل لقب «مؤلف الايام» علي ذلك اللقب،

وهكذا بدأنا عامنا الثاني بمدرسة النيل الابيض المتوسطة، ونحن اكثر إقبالاً علي دروس استاذنا واكثر تفتحاً.

صحبت «مذكرات دجاجة» القادمة لنا من خارج مناهج وزارة التربية؛ كراسة المتفرقات؛ وهي كراسة خاصة من كراسات الوزارة ذات الاربعة وستين ورقة. في هذه الكراسة كنا نقيد ما يختاره لنا معلمنا من الشعر، وكنا نضيف إليها نصوصاً بصرية، وكان معلمنا يطرب لذلك أيما طرب، وكان يحفزنا علي ذلك.

من تلك الكراسة، عرفنا شاعرا، يعرف بمصور الشعراء؛ انه الشاعر ابن الرومي، ،تعلقنا باحدي لوحاته البارعة:

«وجلسٍ من الكتان اخضرِ ناعم توَّسنه، داني الرباط مطير

إذا اضطربت فيــه الشمــال تمايلت ذوائبه حتي تخال غدير

او:

ما أنسَ لا أنسَ خبازا مررتُ به….يدحو الرقاقةَ وشكَ اللَّمحٍ بالبصرٍ

ما بين رؤيتها في كفه كرةً… وبيـن رؤيتها قــوراء كالـقمـرِ

إلا بمقـدار ما تنـداح دائــرة في لجـة الماء يلقي فيه بالحجر

ومن تلك الكراسة عرفناشعراء المهجر . عرفنا طلاسم إيليا ابو ماضي،كما عرفنا الياس ابو شبكة، وجبران خليل جبران. وفي تلك الكراسة، قرأنا افتتاحيات بعض المجلات العربيةكالمصور وآخر ساعة ، وغيرها. كل هذه الفاكهة كانت في كراسة المتفرقات تلك؛ والتي ليس لها علاقة بمناهج وزارة التربية؛ ولكن من المؤكد انها كانت ذات علاقة برؤية معلمنا لغدنا.

كنا نقرأ في عهده متحللين من اشتراطات الامتحانات والضبط المنهجي، الذي كانت تفرضه مناهج الوزارة. ،كانت متعة القراءة، وعوائدها البعيدة المدي، هي ما كان يشغل بال معلمنا. كنا نستمتع، ومع االمتعة كنا نتعود علي مكابدة القراءة. ويالها من مكابدة شيقة. وكنا نكتب ايضاً ؛ ولكن بهدف اكتشاف متعة الكتابة ومنعتها. كان يرشدنا : اكتبوا فقط، لاتفكروا في كيفية المفتتح، ولافي لحظة االوقف وعلامتها القاهرة. فقط توقف عن الكتابة عندما لا تجد ما تضيفه

كان معلمنا عيناً علينا وعوناً لنا عندما نحتاجه. في حصة الرسم كان دائم الحضور. وفي عامنا الاول ذاك كانت طائفة من اعمالنا قد اعدت دون ان نعرف لماذا؟ ولكن عرفنا لاحقاً ، انها شاركت في معرض للاطفال في اثيوبيا، ومن هناك ال الهند حيث شاركت في المسابقة الدولية لرسوم الطفال بالهند (شانكار)

كان معلمنا دائم الحضور لبروفات المسرح المدرسي. وفي طابور الصباح يكون هناك في كامل قائديته، مشرفاً علي ضباطه وجنوده. وفي الرابعة والنصف عصراً، يكون منتشراً في ملاعب المدرسة ؛ فالرياضة عندة لاتقل اهمية عن الدراسة. وفي السادسة والنصف،يكون اول من يقف بانتظار انتظام الطابور المسائي، استعدادا لحصتي المذاكرة الرسميتان. ويظل القائد بمكتبه حتي العاشرة مساء، موعد اطفاء انوار الداخليات استعداداً للنوم. هو لايفوت الجمعية الادبية والتي تعقد في الساعة السابعة والنصف مساءً كل ثلاثاء.

عام جديد، الثالث للفتي، وللمغامرة المنهجية الجديدة. وبدأ معلمنا عامه الثالث معنا في تلك الدروب التي اختارها خصيصاً لنا، كان معلمنا يعلمنا الصيد المعرفي، ولم يعطنا صيداً. كان يدخلنا الغابة ، ثم يشير بيده الي جهة غير ممشي فيها، وكنا نسير ونعرف.

كان البطل في هذه السنة، هو كراسة المتفرقات. بعد تجربة «مذكرات دجاجة» و«كتاب الايام»، ومقدمات المجلات المصرية، وشعراء المهجر،بعد الثراء الذي اصابنا جراء تلك الوجبات المعرفية ، دخلنا حديقة جديدة تماماً علينا، بدأنا التعرف علي خطب علي بن ابي طالب «.. وهذا اخو غامد وقد دخلت خيله الانبار، وقد قتل حسان بن حسان البكري، وازال خيلكم عن مساحلها،» والكثير من خطبه التي تنضح بلاغة، وتدفع فينا العجب ورغبة الاستزادة. ثم عرفنا خطب الحجاج بن يوسف الثقفي، وخطب زياد بن ابيه، والكثير المختار مما كان معلمنا يرشحه لنا، وكنا نقبل علي تلك الموائد بنهم ورغبة. رغم علمنا انها غير ذات موضوع في امتحان الشهادة السودانية،والتي كانت مناهج التربية والتعليم تعلي من شأنها، وتوظف كل طاقات التلاميذ للحفظ الببغاوي القابل للنسيان، بمجرد مغادرة تلك المحطة، خاصة ولم يكن يفصلنا عن تلك الشهادة سوي عام وبعض العام. ومع ذلك لم يداخلنا القلق بشأن مستقبلنا، كنا نثق في معلمنا وقائدنا، وهو يقودنا في تلك الدروب.

وهو ايضاً كان يعاملنا بحنو فوق ما اعتدنا، وكان يثق في قدراتنا وفي تدريبه الذي بذل.

تعلمنا كيف نقرأ، وماذا نقرأ؟ وفي العطلة التي تفصلنا عن عام الشهادة؛ كانت فروضنا المنزلية اربعة عشرة مقالة تغطي منهج التاريخ المقرر في الشهادة كاملاً.

في بداية في بداية الاسبوع الثاني، اجتمع بنا معلمنا ليعلمنا، انه لاحظ تفاوتاً في مستوياتنا. كان يرانا كلنا اولاً. البعض استعداداته عالية، واري ان نصف الصف يتراجع مستواه عن المستوي الذي دخل به المدرسة في عامه الاول. وانه يريد مستويات متقاربة؛ وانه يريد ان تكون المنافسة بيننا علي نصف درجة. وعرفنا انه يقود علي درب يرغب فيه ونرغبه.

بين الداخليات وبين الميني الرئيسي للمدرسة، كانت هناك مبانٍ مهجورة، عرفنا انها تجربة مجهضة لمدرسة زراعية متوسطة.

هنا كانت خطة معلمنا، ان ينصف صفنا؛ نصف يحتاج الي جهد اضافي لتعلية سقف المنافسة. ولذلك اعد تلك المباني، بكل ما يجعلها قابلة للاستخدام الدراسي، وزودها بالمعلمين الذين يلعبون دور المقوي الدراسي ، حيث يبدأ عملهم من الرابعة والنصف حتي مواعيد المذاكرة في السادسة والنصف، لقد كان جذرة معرفية تتقدم تشوفنا، كان يقول لنا انه يعرف اننا كلنا مؤهلون للنجاح، ولكنني اريد لكم نجاحاً مميزاً.

لقد صدقنا وصدقناه. فقد نجح ذلك الصف كله في الشهادة السودانية.

كان يقين الفتي لا يتزعزع بان طريقه للمعرفة بدأ مع معلمه ذاك،وانتهي معه،انتهي عهد التلقي كفاحاً، ولكن الفتي كان قد عرف الطريق، وكان مجتهداً في صناعة الطرق.

استطيع عند هذا المنحني ،ان اعلن بملئ صحوي انني ابن مناهج سعد امير طه، والتي تتغالط،وتتناقض مع مناهج التربية والتعليم ، والتي اتبرأ من عائدها علي تكويني، ولا احفظ لها جميلاً.

كان سعد امير طه معلماً نموذجاً.

كان سعد امير طه مبيناً كاجمل ما تكون إبانة جملة مفيدة، تدخل بهو اللغة في كامل عدتها البلاغية.

كان صارماً كعلامة الوقف.

ملهماً كفكرة شاعرة.

لقد جاء يوم شكره في غفلة مني، ولم اوفه حقه،. وحين نويت ان اكتب عنه سيرة قابلة للمنهجة، لم اجد سوي مسند الرأس ومسند العاطفة والمحبة معيناً. ومثله يجب ان تكون سيرته نموذجاً للمدلجين في دروب التعليم المعتمة، او نموذجاً في كيفية صناعة الناس الممتازين.

اتمني ان يأتي يوما اجد فيه مذكراته،اشكُّ ان رجلاً بذهنيته، عبر هكذا، دون ان يترك اثراً مرقوماً يدل عليه، وهو قد ساعد في صناعة الكثير من تلاميذه النابهين ومن يحفظون عهده. وكما اذكره انا الآن، هناك المئآت من من له عليهم اياد تعليمية عالية.

____________________________________________________

كتب صدقي   كبلو

النور أحمد علي … النور اللحمر

الخميس يونيو 27, 2013 11:54 pm:

هذه كتابة جميلة وصادقة، قرأتها وفكرت في معلمي الذين أثروا في حياتي: الطاهر عمر وعثمان خليل وعلي محمد عبدالحفيظ في الأولية، وحسن ألياس وبشير آدم ويوسف المبارك دليل وعبيد في الوسطى، وحسن قاسم وبدر علي والمصري مصطفى وزين العابدين الطيب وأبو حمد حسب الله ومالك محجوب محمد خير وديفيد ثورب وديفيد هندرسون ومن اسميناه الشدياق في الثانوي وعلي محمد الحسن وعلي عبدالقادر وخالد عفان وبروفسير برصاد في الجامعة، تذكرتهم جميعا وتذكرت مواقف لهم ومعارف تلقيتها منهم في الفصول وخارجها، وليس أجمل من تحيتهم في بوست خصص لأحمد سعد وكتبت فيه أنت عن سعد أمير طه والذي تشرفت بصداقة أخيه طه أمير طه الموجود الآن بجهاتكم ببلدان الخليج.

هذه الكتابة التي تبثها تدفعنا جميعا لتخليد معلمينا والحديث عنهم.

انتقل الى الاعلى

عبدالله علي إبراهيم 

سعد أمير طه: الشرارة

الاربعاء يوليو 24, 2013 9:57 am    

 

علي بريدي الخاص، تلقيت هذا الصباح، من الصديق سيد احمد العراقي مشكوراً كلمة صديقنا عبد الله علي ابراهيم تعقيبا بعنوان«سعد أمير طه: الشرارة» حول ما كتبت عن صديقي واستاذي سعد امير طه.

اولاً: لقد بَيَّنَ سعد امير طه،وهكذا هو دائماً، حاضراً وغائباً. لقد كنت علي ثقة عندما قلت:« .. وهو قد ساعد في صناعة الكثيرمن تلاميذه النابهين ومن يحفظون عهده»

وهاهو احد تلاميذه النابهين؛ والذي قد تتلمذنا عليه هو الآخرفي عهد الفتوة الاول من خلال ما كان يكتب في جريدة الصحافة، وكنا وقتها نحفظ ما يكتب علي مسند القلب ؛ رذلك قبل ان نصحب بعضنا من خلال العمل العام اواخر ستينات القرن الفائت وكنت ايضاً اجهل اننا قد تفيأنا سويآ ظل «دوحة» ظليل انه سعد امير طه.

هاهو الصديق عبد الله غلي ابراهيم مصدقاً ما ذهبت اليه. واتمني ان تجد دعوته الخيرة حول هذه الظاهرة التربوية المارقة والمفارقة للسائد بكل عطالته.

يا عبد الله، اين صديق الصبا والشباب هذا (خلف قريش) ؛ وهذا هو اسمه، فقد تلازمنا منذ مدرسة « الهشابة الاولية» ثم مدرسة النيل الابيص الوسطي.. ثم انبهمت بنا السبل؟

____________________________________________________

عبد الله علي إبراهيم 

سعد أمير طه: الشرارة 

فوجئت بعد نحو 40 عاماً من الزمالة بأنني والتشكيلي النور أحمد علي ننتظم في سلسلة واحدة أصلها دوحة المرحوم سعد أمير طه: المعلم من طراز فريد. فلم يأت ذكره على لساننا قط حتى كتب قبل أيام بمنبر “سودانفورأول” عن خيال سعد التربوي أكدت لي مرة أخرى أن سعد كان “بخت رضا مضاد” من الدرجة الأولى. وأعنى بذلك أنه لا يتصندق في “مقررات” بخت الرضا ويتجاوزها إلى قمم في تربية بلا حدود. وكنت قلت بهذا في مضمار الترحيب بالدكتور خلف الله قراشي الذي التقيت به بعد أن قرأ لي كلمة في محبتي لسعد. فقد درست على سعد بالوسطى بعطبرة عام 1954 ودرس قراشي عليه بمدرسة النيل الأبيض بالدويم.

لم يترك النور فرضاً ناقصاً في دعم نظريتي في أن سعد كان معلماً مضاداً لبخت الرضا. فقال بوضوح إنه لم يلتزم بمنهجها في المطالعة مع أنه خبير مناهج معروف برضا. فدّرسهم في السنة الثانية كتاب “مذكرت دجاجة” للفلسطيني إسحق موسى الحسيني بمقدمة من طه حسين ثم أعقبه بكتاب “الايام” لطه حسين. وكنت درسته عليه في عطبرة ومن لم يقرأه تحت سعد فنصف عمرة راح. فله فيه صنعة عجيبة. ولما جاء العام الثالث ع النور ترك سعد كل الكتب جانباً وجَمّع للفصل في كراسة متفرقات أدبية شملت ابن الرومي وإيليا ابو ماضي والياس أبو شبكة وجبران خليل جبران. ولم يشفق الطلاب وقد دنا امتحان الشهادة. فدبر الأمر ونجح الفصل كله في امتحان الشهادة الثانوية.

وجاء النور بأمر إدا. فقد قال إنه كان يدرسهم افتتاحيات مجلة المصور وآخر ساعة. والواضح أن لسعد شاغل قوي بالصحافة. فقد كان يشرف على جريدتنا الحائطية “الشعلة” بالمدرسة ويعقد اجتماعات التحرير، التي ضمت فتحي فضل وصابر بحاري، ويطلعنا على حيل كسب القاريء.

من أين جاء سعد أمير؟ سياسياً هو من جيل طلاب الخمسينات الذين درسوا بمصر وتعلقوا بالشيوعية. وقطع دراسته بكلية الحقوق ليعود مهرباً في صندوق ما كما قيل لنا. وأذكر بصورة غامضة قولي في الجمعية الأدبية يوماً إن كل داخل لبلد ما لابد أن يمر عن طريق الدولة, فابتسم وتبسم بعض المدرسين في وجهه. كان يعرف إن ليس ذلك صحيحاً في كل حالة ووقت. ولم يتبع سعد في مصر “حدتو” هنري كوريل التي جذبت أستاذنا عبد الخالق محجوب والرهط. بل كان في جماعة أيسكرا (الشرارة) التي تميزت بشغف ثقافي أميز مقارنة بحدتو الحركية. ولم يعرف أنه نَشِط شيوعياً بعد استقراره في السودان. وسيكون من المفيد أن نستقصى إن كان احتكاكه بقادتها من أمثال شهدي عطية الشافعي وأنور عبد الملك، ممن ألفوا أمهات الكتب، دخلاً في سعة ثقافته وخياله وخلوه من الورع حيال الأصنام الثقافية مثل المنهج.

   لا أعرف عبارة عن نفع التمرد على بخت الرضا أقوى من عبارة النور: “أُعلنُ بملء صحوي إنني ابن مناهج سعد أمير طه والتي تتغالط وتتناقض مع مناهج التربية والتعليم والتي أتبرأ من عائدها على تكويني ولا أحفظ لها جميلاً” وأتمنى أن تتبنى “أروقة” والسمؤال اقتراحاً قديماً لي بعقد حلقة دراسية عن نهج سعد التربوي.

بكلمة: كان سعد، خبير المناهج وواضعها،  هو”بخت الرضا التي ضد بخت الرضا” متى كان في حضرة الطلاب يصاهل بهم المعارف.

     رسالة من النور أحمد علي

الاخ طه امير طه.

 وانا اشكرك، ايضاً علي تلقيك الطيب لما كتبت.
ما كتبت عن مرشدي سعد؛ هو فقط الجزء البسط والظاهر من «حتي»، وبقيت «حتي» كاملةبداخلي. وانا اتقبل شكرك لان سعد معلمك وصديقك،  ولكن ، صدقني وانا علي ثقة ، علي الرغم من علاقة الدم التي تربطك بسعد ، فانا  اعتقد ان ليس هناك من له في سعد اكثر مني.
فسعد لم يكن لك وحدك حتي تشكرني. سعد كان ظاهرة تربوية عامة تهم كل الوطن. ،احق بها من خبرها وهو علي مقاعد الدرس في حضرته، إذا كان منتبهاً لحضرته العالية.
لم يكن سعد استاذي فقط ، في ذلك العمر المبكر؛ زمن التلقي البكر، بل كان وما زال مرشدي في الحياة
ان لحم اكتافي المعرفي كاملاً من خير سعد المعرفي؛ ويا له من خير!
صدقني يا طه ان سعد هو صحبتي الدائمة والصادقة في هذه الحياة.
ليلة امس، ظللت اكتب علي مسند الرأس ولمدة ثلاثة ساعات عن سعد رغم علة البدن وضجره وتزمره. ما كتبت عن سعد كان فاتحة الكتاب،تنقصني يا طه المعلومات عن سعد، ولا تنقصني القدرة علي الكتابة ولا الحب الطاغي تجاهه.
حين يتعلق الامر بسعد؛ فانا شديد التعصب ،بل ومتشدد في تعصبي. كان حبي لسعد يتجاوز حدود التعلق، كنت ارقبه في طريقة لبسه،وفي طريقة مشيه، حتي خلت ان هناك عرج خفيف يشوب مشيه، وكنت افهم ذلك ان سعداً كان يعرج سراً حفاظاً علي هيبة وهيئة المرشد.
ومن معلومة في كتاب ارسله لي الصديق عبد الله علي ابراهيم ( انا اظن انك من اوصل له كتابتي عن استاذي سعد) ان سعدآً كان شيوعيآ، وانا وعبد الله تزاملنا،وهي معلومة جديدة ، وهي لم تفرحني كونه من قبيل انا منه. كون سعد تقدمي اكثر من ايِّ تقدمي، يطرق رأسك هذه اللحظة. انا اقصد ذلك تماماً يا طه، حتي شواطئ عبد الخالق محجوب.
ومع شح المعلومات عن معلمي ؛ وهو امر يدعو الهول كله،  اقول انني علي استعداد لمنازلة، كل من يشكك في هذا الامر، والقمه جبل البركل كاملاً، من خلال ما قدم من فتوحات غير مسبوقة في مجال التعليم ومناهجه التي شقها عنوة واقتداراً وسط ضلال في مناهج التعليم معتم.
كان سعد فعالاً ، ولم يكن قوالاً. ولذلك لا استغرب عدم وجود مذكرات له. ان سعد يا صديق هو النسخة السودانية للمعلم «الزنيِّ» حيث يعتقد في الارسال كفاحاً ، وفي التلقي كفاحاً. كان سعد يا طه، كله نصٌ مفتوح،وعلي من يرغب في العلم يناله من بدنه النص المتحرك، كان استاذي لا يُعِلم ولكنه كان يفعل التعليم. كان كله رسالة تعليمية مكتملة البلاغة. ان مذكرات سعد هي ما ترك من نصوص جسدية حية؛ اعني تلاميذه. الذين كانوا انتبهاً وهم يتلقون عن سعد كفاحاً.
ولكنني علي ثقة ان علي هوامش كتب سعد حل لغز ظاهرته التربوية الفريدة كقائد تربوي ملهم.
سعد يا طه هو هو مستقبل التعليم لوطن لحظة تشظي[ ولكن آن لنا ان نحلم]  وذلك لفرادة نهجه التربوي غير الموقوم ، ولكنه محفوظ في صدور تلاميذه ومحبيه ؛ حال كل امة تعتاش معرفياً علي المشافهة. وعلينا البدء في استعادته كاملاً قبل انقراض جيل حفظة فضله. ان استعادة سعد الي واجهة ذاكرتنا التربوية مهمة سهلة،إذا استعاد تلاميذه النابهون  زمام المبادرة وركلوا الكسل الذهني الذي افرط في سكني العقول والقلوب.
من المؤكد يا طه انك قرأت كلمة د. عبد الله علي ابراهيم «سعد امير طه : الشرارة»والتي يختمها باقتراح ارجو ان يجد طرقه للتطبيق « ان تتبني «اروقة» و«السمؤآل» اقتراحاً قديماً لي بعقد حلقة دراسية عن نهج سعد التربوي »
اتصور ان هذه ستكون الخطوة الاستعداد في مسار مرهق لاستعادة سعد
او كما قال عبد الله، وفوق ما قال « كان سعد خبير المناهج وواضعها هو « بخت الرضا التي ضد بخت الرضا» متي ما كان في حضرة الطلاب يصاهل بهم المعارف الاخري
لن اعتذر كوني اقصي جهات التطرفجين يتعلق الامر بسعد امير طه
ابادلك الشكر والاحترام

سعد أمير طه: هذا سحر يؤثر .. بقلم: عبد الله علي إبراهيم

الأحد, 04 آب/أغسطس 2013 08:10

(كتب التشكيلي النور أحمد على عن ذكرياته في مدرسة النيل الأبيض الثانوية في الستينات كان مدارها أستاذه سعد أمير طه وطرائقه العجيبة في التدريس بغير التفات للمقرر. وأثار ذكريات لنا مع سعد الذي درّسنا اللغة العربية في عطبرة الوسطى. وهذه كلمة قديمة عن هذا المعلم ممن أسمي رهطه بخت الرضا المضادة)

1– كاد المعلم أن يكون ساحرًا
شغف كل من درس على يد المرحوم سعد أمير طه بالرجل صورة ومعرفة وطريقة . وكان يريح وجهه إلى جانب الكتف إذا مشى رشيقاً على الأرض . وحسبنا ذلك كبرًا وصلفاً أو “صعَّر خده” كما قال الشاعر القديم .. لا أدري . وكان صَلفاً منه بهياً في عيوننا الصغيرة الكلفة بالروعة . وكان أكثر من يقلده في مشيته الغراء بيننا نحن تلاميذ مدرسة عطبرة الأميرية الوسطى في منتصف الخمسينات أخونا  مصطفى محمد عثمان (الصفي) الذي ربما اقتدى بسعد أمير حين اختار التدريس على ما عداه من المهن .
علمنا بعد أن الميل في عنق سعد عاهة نجمت عن اضطراره الاختفاء في وضع عصيب على جسده حين هرب من مصر عبد الناصر عام 1954 أو نحوه إلى بلده السودان حين شدَّد نظام ناصر النكير على الشيوعيين . وكان سعد وقتئذ طالباً مبتدئاً في كلية القانون بجامعة القاهرة . وقيل إن السرطان الذي أودى بحياته ، أو عاجله فيها ، تأسس في العنق المصعَّر الذي عددناه في جهالتنا بطراً وعجباً و “فتونة” .
سبق استلام سعد لمهام التدريس خبر أنه غشي مقهى المعلم الأبس في سوق عطبرة الكبير المقابل لمحلات حبيب بسطا والقريب من الجامع . وقيل إن سعداً لم يقبل إساءة من المعلم ، وشدد عليه اللكمات و “البونية” حتى صرعه . وماكنا نحسب في صغرنا أن الله قد خلق خلقاً يصرع معلم الأبس الغليظ ، الجسيم ، العظيم . إذا جلس عند مدخل المقهى يمخر عباب الشيشة بأنفاسه الجمة ، ويُحصي “الماركات” عدداً ، ويشخط في الجرسونات . واتضح مؤخراً كذب الخبر . فالذي اشتبك مع الأبس كان هو الأستاذ صابر  الذي جاء منقولاً في ذات الوقت ليُدرِّس الرياضة البدنية بمدرسة الأقباط المصرية .
كان سعد خلاقاً ، بارعاً ، حازماً . لم يكن يقبل من تلاميذه غير الكمال وله يقين مجرب أنهم سيبلغونه بضرب المثل وبالشدة . لم يكن ليقبل بحجة القائل أن خطى في الأصل قبيح ولا سبيل إلى تحسينه . فهو يجبر الطالب على تحسينه ، ويريك في السبورة خطاً
عجباً ، وتجد أنك جيد الخط في خاتمة المطاف . ولم يكن يشتري منطق من يعتذر بأنه لم يخلق لرسم الخرط . فهو يريك كيف تُسلس لك الخرط زمامها . فلم أر بعد سعد من يرسم خرطة النيل من منبعه إلى مصبه مع البحرين الأبيض والأحمر في خطوط مستقيمة كالمثلثات فيما يشبه رسوم الأطفال . وكان يفعل ذلك في مقام التوضيح بسرعة أنيقة . وقد فرض سعد على تلاميذ الفصل الرابع ، الذي يوشك على الجلوس لامتحان الدخول للمدرسة الثانوية ، شراء كراسات خاصة لرسم الخرط التاريخية ، وجعلهم يرسمون كل الخرط المقررة في المنهج بالألوان : للبحر لون ، وللنيل لون ، وللبحيرات لون ، وللجبال لون ، وللحدود الدولية لون ، ولمواقع المدن لون .. وهلمجرا . وقد حمل تلاميذه حملاً على ذلك . وكانت له طريقة فذة للتحايل على معرفة المواقع التاريخية التي ترد في امتحان الخرطة في ورقة التاريخ . كان يطلب منا أن “نحفظ” أياً من تلك المواقع والمواضع بالنظر إلى انحاءة في النيل ، أو إعوجاجة في الحدود الدولية للسودان ، أو بانبعاجة في البحرين : الأبيض والأحمر. وكان يرينا كيف أنه إذا أحسنت استغلال قسمات الخرطة نفسها تمكنت من رسم خطين أفقي ورأسي يكون الموقع المطلوب حيث تقاطعا . ويحتاج هذا إلى جهد كبير وخيال عريض . ولم يكن سعد من يعتقد أننا خلو منهما . وأذكر أن كراسات خرطه تلك ظلت حتى بعد نقله متداولة في الفصل الرابع بمدرسة الأميرية وغيرها يرثها الجيل عن الجيل . ولا غرو إن احتل تلاميذه ، حيث حل ، المرتبة الأولى الممتازة في مادة التاريخ .
وكان لا يقبل تمحك أو عذر من يقول أن جسمه يخذله أو شجاعته تخونه دون ألعاب الجمباز على الحصان و “البّك” ابتداء من القفز العادي حتى “السمسرسولت” حماك الله .
وكان الجميع سواسية عند سعد بإزاء الرياضة فكلا السمين والضعيف يقف ولا يقع . وكانت وقفته الفارعة ، الواثقة ، المشجعة ، الحريفة عند الحصان يعين الممارس إذا اختلت حركات عنقه أو ظهره هي سببنا للمغامرة إلى بر السلامة .
وواضح أن سعداً كان ذا ملكات كاملة خصيبة . كان خطاطاً رساماً رياضياً بعزيمة على السداد وبغير شفقة . فقد كان السوط لا يبرح يده . ولم تكن “أدبة” السوط شاذة على وقتنا بالمدارس الوسطى . فقد كان السوط بها هو المعلم الخفي غير مدفوع الراتب . وأذكر أن زميلي الشايقي القح الصامت الدقيق عمر عبدالرحمن استنكر “حقول السياط” أمام مكتب المدرسين يوماً قائلاً : “مجزرة!” وقد سبقنا إلى الشكوى من سوط المعلم الشاعر البليغ التيجاني يوسف بشير (ت 1937) الذي ذاق الهول منه في المدرسة القرآنية : الخلوة . واشتكى قهر السوط الجيل من طلاب كلية غردون السودانية في الثلاثينات . وقد كره نفر كثير هذه المجانية في العقوبة وسارت عبارة “القرايه أم دق” (أي القراءة على إيقاع السوط) مثلاً في الحاجز النفسي . ولهذا قال الدكتور بيتر ود ورد ، الذي صدرت له دراسات حسنة في السياسة السودانية ، إن مبالغة الرئيس نميري في ارتداف كل عقوبة من محاكمه الناجزة بالجلد ، إنما كانت محاولة لاستثمار أداة عقابية تقليدية أو معروفة في التأديب والإخذاء .
وكان سعد مع ذلك مدرسة أخرى موازية للمدرسة التي عرفناها . كان عالمه وسيماً . وكانت الأخرى عادية . وكانت مدرسته بحراً والمدرسة الأخرى ساقية . وقال المتنبئ :
ومَنْ قَصَدَ البَحرَ استقلَّ السَّواقيا
وأحدثكم عن بحر سعد في لقاء آخر .
2– وهذا سحر يؤثر
جاء المرحوم سعد أمير إلى مدرسة عطبرة الأميرية في العام 54/55 الذي قضاه معلم اللغة العربية الأصيل بالمدرسة ، المرحوم الشيخ أبو زيد محمد الأمين الجعلي ، نفعنا الله بذكره ، بكلية التدريس ببخت الرضا . ولم يخف الشيخ أبو زيد ضيقه بهذا التدريب الذي جاءه في الكبر. ويبدو أن هناك من اشتكى أن شيخ أبو زيد ، الوضئ الرضي ، لم يكن يتقيد في تدريسه بحرفية المنهج المرسوم . بخطرات له مشهودة مأخوذة من زكي مبارك أو المازني أو ماشئت . وأذكر أنه لما عاد من بخت الرضا بدأ يملي علينا مباشرة من “مرشد المعلم” عبارات مثل “وعلى المعلم أن يفعل كذا وكذا” . وحين استغربنا قال :
–       ألم يقل قائلكم أن أتقيد بالمنهج المقرر. وهذا هو المنهج . ولم يتب شيخ أبو زيد . ولازلت استغرب لهذا المعهدي (خريج المعهد العلمي) ونسل الدوحة الجعلية بكدباس تدريسه لنا في نفس العام قصيدة (عبري) للشاعر المرحوم الجيلي عبدالرحمن وهي درة شعره في الديوان المسمى قصائد من السودان الذي هو نتاج يساري شعراً ونثراً .
شغل المرحوم محل شيخ أبو زيد يدرسنا مادة اللغة العربية بالسنة الثالثة وسطى . وجاء سعد بالعجب العجاب . فلم أدرس العربية بالنضارة التي يضفيها عليها سعد لا قبل ذلك ولا بعده. ولم أسمع ممن حولي من تلقى العربية على معلم في حيوية سعد وشغفه إلا ما كان من أمر المرحوم عبد الله الشيخ البشير ، ابن أخي ، رحمه الله وأحسن إليه .
ما أزال كلفاً بمعرفة كيف وقعت لسعد هذه الطرائف العذبة في التدريس . ولا خلاف أنه جاء مشرباً بالوقائع الفكرية والجمالية لليسار المصري في الخمسينات بما في ذلك عشقه الواثق للغة العربية وإحسانه لها . فقد درّسنا سعد شيئاً من شعر صلاح عبد الصبور ودرّسنا
“أيام” طه حسين التي هي وثيقة اجتماعية طرب لها ذلك اليسار كما طرب لمواقف طه بشأن حرية الفكر وحق التعليم الذي هو كالماء والهواء . ولست استغرب انغماسه في كل ذلك وانفعاله به ولكن الذي يحيرني هو طرائق التدريس التي ابتكرها لنا وأركبنا بها المراكب الصعبة دهشين مسحورين .
فقد جاءنا بما أسماه “التطبيق الأدبي”. وعهدنا بالتطبيق أنه ذلك الذي نشقى فيه بالإعراب والنحو شقاء الشاعر التيجاني يوسف بشير الذي ذكر “المعهد العلمي” وقال في إشهار محبته له :
ولقيتُ من عَنَتِ الزيودِ مشاكلاً     وشقيتُ من عمروٍ ومن إعرابه
وكان تطبيق سعد الأدبي نافذة على خمائل اللغة العربية الغناء ، وجمالها الأخاذ ، وبلاغتها الغرَّاء . فقد كان يشرح لنا الأساليب مثل الأسلوب التلغرافي ويسأل في التطبيق أن نأتي بمثل عليه . وكان يسألنا أيهما أشعر في الوطن: “وطني لو شُغلت بالخلد عنه ..” أو
“وحبَّب أوطان الرجال إليهم ..” وقس على ذلك . وكان يشرح لنا الأمثال العربية مثل
“كحامل التمر إلى هجر” و “على نفسها جنت براقش” ويسألنا أن نكتب قصة نختمها بالمثل المطلوب .
وأما أمر سعد مع طه حسين فعجيب . كان يحفظ “أيام” العميد عن ظهر قلب . وكنا إذا فرغنا من فصل من الكتاب وقف سعد بيننا مهيباً وقد أغلق كتابه وأغلقنا كتبنا حسب
طلبه . ثم يبدأ سعد بأول جملة في الفصل المقرر يجترها من رأسه لا كراسه ، ويظل يدور بيننا يسألنا أن نكمل الفصل ، فيأتي هذا بجملة ، ويتلوه آخر ، ثم ثالث ، وهكذا يزهر فصل “الأيام” في ذاكرتنا وشفاهنا عقداً نضيداً . ومتى استعصت علينا جملة أو غابت صَوَبنا وعوضنا عن فقدنا . ولا أزال أذكر وقفته بيننا بعد فراغنا من درس الفصل الأول يقول “ولا يذكر لذلك اليوم اسماً ولا يستطيع أن يضعه حيث وضعه الله من الشهر والسنة” .  وزرعنا الفصل من الكتاب جملة جملة حتى بهاء آخره .
ولعل أعجب وأندر وأبدع ما سألنا سعد أن نحول فصلاً من كتاب “الأيام” إلى
مسرحية . فتأمل ثقة الرجل فينا ، وتقحمه بنا ، نحن الذين لم نكمل الثالثة عشر ربيعاً ممن معرفتنا بالمسرح نذراً ، هذه المجاهل الفيحاء في فنون الكتابة .
كان واضحاً أن سعد يعد نفسه معلماً مؤدياً فناناً . ولذا كان حريصاً على أن يرتب بيئة الفصل ، بيئة التلقي ، بصورة يكون عنانها كله في يده . فقد كان يطلب حال دخوله الفصل أن نخلع عمائمنا المرتجلة عن رؤوسنا ، وأن نحشرها في الدرج ، حتى يتلافى انشغالنا بها انفضاضاً ولفاً . وكذلك كان يسألنا أن نضع “رزة” الدرج في فك الدرج نفسه حتى لا يدفعنا ملل الصبية إلى طرقها .
وبهذا الضبط يكون سعد ، المؤدي الفنان ، سيد الموقف ينعقد له السمع والطاعة ، وتسلس له قيادة شغفنا وسحرنا . وأذكر ذات مساء من 1956 ، وكان سعد قد نُقل من المدرسة ، غير أنه جاء في مهمة للتفتيش الفني بها . وسأله مدرس التاريخ أن يُلقي علينا درساً في تاريخ السودان. ولم يوفق سعد إلى موعد نهاري فاختار أن يلتقي بنا ليلاً.
وبدأ الدرس ، وحلَّق سعد بنا ، وحلقنا . ثم فجأة انقطع التيار الكهربائي . ولم يند صوت ،
ولا نأمة ، ولا أزيز ، ولا فحيح ، ولا هسيس ، ولا وسوسة مما هو في طبع الصبية من سننا إذا انحجبت عنهم السلطة . ظل صوت سعد هو الأعلى وقد انعقد له إجماعنا الصامت
السامع ، المأخوذ .
وهذا سحر يؤثر .

______________________________________________________________________

كتب عمرو عثمان:

سلام مي وكل عام وآل طه بخير

       كان دكتور امير طه، مِثل أخيه سعد، كان حضوره طاغياً في ردهاتِ كلية الآداب، في العام ١٩٧٩ وماتلاه. لم أكنُ ضمن طلابه في قسم علم النفس، ولكني كنتُ معجباً به، بهيئته وثقته في نفسه، ثم زاد ذلك بعدما، تصدى ونشر مقاله الرصين، في مجلة الثقافة السودانية، في نقد مقال دكتور مالك بدري، حول ( معضلة عالم النفس المسلم). الآن لا أتذكرُ ولا أحتفظُ بإرشيف لذلك الزمان، فقط، أستعينُ بطاقةِ الذاكرةِ الكامنة بحجارةِ بطارياتيِ القديمة، اتعشم ان يكون دكتور أمير قد حفظ ما كتبه آنذاك في أوراقِ تُرى وتُلمس، وليس في تجاويفِ الذكريات القديمة.

    عبدالله علي ابراهيم، بات معضلة في (علم الذات السودانية). يغيظك ويسعدك. هذا هو شيخيٌِ الغياظ/ الممتع. أليس كذلك؟

______________________________________________________________________

علي أمير و جعفر النميري: مدرسة مدني الوسطى

photo

______________________________________________________________________

 طارق أمير بقلم صديقه و زميله عمر علي حسن

مات طارق امام ناظري فكاد يخرجني من الحياة نفسها .. وكأنه جاء ليموت هنا وفاء لحساب صداقة نادرة

ومكتظة بكل انماط الود والوفاء .. تتضخم في القرب والبعد .. وتتمدد فلا يحدها بر ولا بحر .. وتلف في وثاقها

امهاتنا واخواننا وابناءنا بحب نشرناه بحبنا وصداقتنا التي لا تشبه الا اخوة الدم والرحم .. كانت امه (أم العادل)

صديقة لامي (أم عمر) .. واخوانه عادل وعلي وسعد وطه اخواني واصدقاء ابي واخواني واصدقائي .. واخته سيده

اختنا الوحيدة ..وزوجته نور اخت زوجتي اسماء وصديقتها .. وبناته وولديه ابنائي واخوة اولادي .. خرجوا كلهم

من بيتي وذهبوا اليه في المستشفي ليتفاجئوا بهبوط دورته الدمويه وتسارع خطاه الي الممات .. وعندما وصلت

كان الخبر مشاعا وصاعقا .. وكان اقسي ما سمعت في طول حياتي وعرضها ..

نكأت ياصديقي جرحا لا احتمل تجدده .. ولكنني ساكتب شذرتين او ثلاثه كبعض وفاء لهذ الجبل الاشم …

جاء طارق امير وحسين خير الله وعز الدين السيد الي الكلية من مدني .. الاولان مدرسان بالمدارس الوسطي ..

كان لهما فيها صيت وبريق .. والثالث من كلية العلوم بجامعة الخرطوم .. وجاؤا في ترتيب القبول تاسعا وعاشرا

وحادي عشر .. فحل طارق وعز الدين في غرفة معا وحل حسين في الغرفة المجاورة لهما مع روبن ماك .. ووضعت

دفعتنا مند اللحظة الاولي يديها علي كنز زاخر بكل نفيس .. الخلق والشهامة والنبل والفن والرياضه والاناقة ..

كانت غرفتاهما قبلة للدفعه فتجدنا جميعا هناك .. وتحولت البرندة امامهما الي ناد فيه كل شيء .. الطاوله والعود

والكوتشينه والضمنه والمناظرات الشعرية والرسم .. كل ذلك يخرج من تلكم الغرفتين .. وكان السر افندي ايضا

عضو بهذا النادي يتعلم فيه القراءة والكتابة علي يدي طارق وحسين ..

وكان طارق كابتن الكليه في كرة السله أي (الباسكت بور) كما اعتاد السر افندي ان ينطقها .. لعله كان (الالعب)

في حنتوب والمدارس الثانوية .. ولا شك انه كان الالعب في كلية الشرطة والكلية الحربيه معا في ذلك الوقت ..

وقد سعي نادي الهلال لتسجيله ولكن القومندان منعه .. وظل يلعب ثم يدرب ويحكم ويترقي في الادارة حتي

اصبح سكرتيرا ثم رئيسا للاتحاد العام الدسوداني لكرة السله ..

وكان رساما فنانا مبدعا .. لا يجد ورقة بيضاء الا ويترك عليها ظلالا جميله بقلم الرصاص او الالوان ..ولعل

ما يجب ان يخلد له هو شعار الشرطه (اليد الامينه والعين الساهرة) .. وقد كان شعار الشرطة حتي بداية الستينات

هو الشعار الذي تركه الاستعمار والمكون من الحرفين الانجليزيين المتداخلين SP وتعني Sudan Police

وللسر افندي نوادر مع هذا الشعار سنعود لها …. ثم تم تعريب الشعار وصدر شعار جديد به كلمتي (بوليس

السودان) باللغة العربية .. وقد تذمر منه الضباط ووصفوه بانه (موضوع انشاء) فاتجت الرئاسه لتغييره واقامت

مسابقة لذلك فخرج طارق بالشعار الافضل الذي هو عبارة عن كف وعين ممثلا لليد الامينة والعين الساهرة التي

اصبحت بذاتها شعارا للشرطه بجانب الرسم ……. وبقي هذا الشعار حتي اليوم دون ان يدري كثير من الضباط

ان مصممه واحد منهم .. كذلك فإن طارق هو الذي صمم علامة الكتف (الازبليطة) الزرقاء المقواة وفي مقدمتها

الزرارة البيضاء التي تحمل شعار الشرطة .. وكذلك (زرائر) البوش شيرت .. وتغير مع كل ذلك علم الشرطة

وعلامات غطاء الرأس للضباط من عميد فاعلي ..

عمل في الخرطوم وكسلا والشمالية واعالي النيل وخرج يجرب حظه في السوق بعد ان اثقله حمل البنات وولد يحتاج

لجراحة في القلب لا تكفي موارد الوظيفة لتغطيتها .. وعملنا معا في مصنع النسيج السوداني حيث وجد مجالا

لادخال الرسم والنقوش .. ثم اتجه للعمل بالتامين وظل به الي النهاية

وعندما ظهر كاتبا للمسلسلات والرويات ظهر علما .. ولم نكن نعرف عنه هذه القدرة الرفيعة علي الرواية ووضع

السيناريو والصور الابداعية العميقه حتي نزل صخابا في سوق الادب والقصة وجذب لنفسه جماهيرية لم تتوفر

لكثير من الادباء في بداية عهد التلفزيون ..

لا ازيد .. فسيظل طارق اعمق جراح حياتي .. وتثير ذكراه مواجعي فظله يجمع كل من فقدنا من دفعتنا شبابا وشيبا

وكلهم فردا فردا جزء من سيرته النبيله

اللهم انه ضيفك وانت الكريم .. فاكرم نزله وتقبله بفضلك واحسانك .

عمر علي حسن

4 thoughts on “Family

  1. الاستاذ الفاضل / طه امير آسى
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    يشرفنى أن نتعرف بكم فنحن ننتسب إلى قبيلة الغربياب ببلاد النوبة
    والعبدلله كاتب المواضيع عن قبيلة الغربياب وكذلك المغفور له طه بك ابوزيد عميد عموم الغربياب وكذلك على اتصال دائم بالاهل فى اسوان المهندس عبد العزيز عبد الوهاب والحاج مصطفى ( توفيق آسى
    نتشرف بزيارة منتدى النسابون العرب على هذا الرايط
    http://www.alnssabon.com/t6033.html
    لكم خالص تحياتى
    حسن جبريل (اسلام الغربى

    • الأخ الفاضل الاستاذ حسن جبريل؛
      تحية طيبة و بعد،
      اسعدتني رسالتك التي وصلت قبل مدة طويلة لكن لم يتيسر لي الرد عليها لأسباب عديدة.من المهم لنا نحن النوبيون سواء في السودان أو في مصر أن نتواصل و أن يكون صوتنا مسموعاً و ألاّ نظل دائماً في الهامش. هل هناك مواقع نوبية أخرى؟
      ولكم جزيل الشكر على رسالتكم
      طه أمير طه أبو زيد

  2. لأستاذ الفاضل سعاددة الدكتور/ طه أمير طه أبو زيد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
    أشكر لكم كريم الرد ويسعدنى التواصل مع سعادتكم وكآفة ابناء قبيلة الغربياب العباسية
    وكذلك آل المرحوم طه بك أبوزيد عميد القبيله الغربية
    ندعوكم لزيارة موقع (النسابون العرب)
    قبيلة الغربياب http://www.alnssabon.com/t6033.html
    تاريخ قبيلة الغربياب http://www.alnssabon.com/t7094.html
    القسم العباسى http://www.alnssabon.com/f431.html

  3. لأستاذ الفاضل سعاددة الدكتور/ طه أمير طه أبو زيد
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
    أشكر لكم كريم الرد ويسعدنى التواصل مع سعادتكم وكآفة ابناء قبيلة الغربياب العباسية
    وكذلك آل المرحوم طه بك أبوزيد عميد القبيله الغربية
    ندعوكم لزيارة موقع (النسابون العرب)
    قبيلة الغربياب http://www.alnssabon.com/t6033.html
    تاريخ قبيلة الغربياب http://www.alnssabon.com/t7094.html
    القسم العباسى http://www.alnssabon.com/f431.html

Leave a comment